إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه logo شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.
shape
شرح كتاب العظمة المجموعة الأولى
227902 مشاهدة print word pdf
line-top
من عظم الله استصغر من سواه

...............................................................................


إذا عرفوا عظمة الله، وأنه جلال وجهه لو انكشف ذلك نور لاحترقت المخلوقات العلوية والسفلية؛ دل ذلك على عظمة الخالق، وأنه لا يقاس بخلقه ولا يمكن أن يثبت لعظمته شيء. كذلك أيضا إذا استحضروا أن المخلوقات حقيرة بالنسبة إلى عظمته وأنه هو الذي يمسك السماوات والأرض أن تزولا وأنه يمسك المخلوقات أن تضطرب أو تتحرك أو تميد كما في قوله تعالى: أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ عرف بذلك عظمة الله.
ونتيجة ذلك؛ نتيجة هذه المعرفة التعظيم وهو أن من يعظِّم الله يعظُم قدر ربه في قلبه، وكذلك يعظم الله تعالى فيعظم شأنه أن يقاس بأحد من مخلوقاته، أو يصرف من حقه شيء لخلقه، ويعظم الله تعالى أن يُحتقر يحتقره العباد أو يجعلوا له شريكا من المخلوقات أو ما أشبه ذلك، وهكذا أيضا يعظمون الرب بأن يصرفوا له العبادة وحده ويتركوا عبادة ما سواه، فلا يصرفون شيئا من العبادة لغيره.
إذا استحضروا أنه أعظم من كل شيء، ولأجل ذلك يؤمرون بأن يكثروا من ذكر الله الذي يدل على عظمته كما في قوله صلى الله عليه وسلم لما ذكر الركوع والسجود قال: فأما الركوع فعظموا فيه الرب أي: أثنوا على الله تعالى في الركوع بما يدل على إثبات العظمة مثل قوله: سبحان ربي العظيم. أي الذي له العظمة وحده، وقد أمر الله بذلك في قوله تعالى: فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ أي: سبحه بقولك: سبحان ربي العظيم.
فتعظيم الله تعالى سواء استحضار عظمته بالقلب وإن لم ينطق، أو النطق بأن يذكر الله تعالى بالألفاظ التي تدل على العظمة والثناء عليه بالأسماء والصفات التي تدل على عظمته وجلاله وكبريائه؛ لذلك نتيجة وهي أن يعظم قدر ربه في قلبه وأن تصغر الدنيا، ويصغر أهلها بالنسبة إلى عظمة الله، وألا يبقى في قلب الإنسان ما يعظَّم كتعظيم الله تعالى ولا ما يصرف له شيء من حق الله سبحانه وتعالى، فهذا هو نتيجة هذا التعظيم من هذه الآثار وما أشبهها، وكذلك من الآثار والأحاديث التي سبقت في هذا الكتاب وفي غيره.
والآن نستمع إلى كلام المؤلف.

line-bottom